شددت كلير هارت، نائبة رئيس متروبول مونبلييه بفرنسا، على أهمية تعزيز الاستقلالية الفضائية لموريتانيا وتوسيع آفاق التعاون في مجال تصنيع الأقمار الصناعية الصغيرة، وذلك خلال مشاركتها في بينالي أورو-أفريقيا 2025 بمدينة مونبلييه.
كلير هارت، نائبة رئيسة متروبول مونبلييه، في مقابلة خلال بينالي أور – أفريقيا 2025 . ©ثقافات موريتانيا موريتانيا الثقافية: كيف يساعد مركز الفضاء بجامعة مونبلييه موريتانيا في تطوير برنامجها للأقمار الصناعية الصغيرة؟
كلير هارت: بدأ التعاون مع موريتانيا في مجالات توفير الماء الصالح للشرب والصرف الصحي. فعملنا أولاً على تسهيل الوصول إلى الماء في مدينة كيفه [جنوب البلاد] وفي العاصمة نواكشوط. وهي مشاريع شكلت أساس تعاون أكبر، بدعم من مؤسسات فرنسية، مثل وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، والوكالة الفرنسية للتنمية، بالإضافة إلى شركاء من القطاع الخاص. بعد ذلك، وسعنا التعاون ليشمل مشاريع تكنولوجية كالأقمار الصناعية الصغيرة. فمركز الفضاء بجامعة مونبلييه يمتلك الخبرة اللازمة في هذه النوع من التكنولوجيا، سنُقدم لموريتانيا دعمًا فنيًا لمراقبة أراضيها باستخدام هذه التقنية. هناك إذن توافق بين الحاجة الموريتانية إلى أقمار صناعية صغيرة والخبرة الفنية التي سنوفرها لها في هذا المجال.
كلير هارت، نائبة رئيس متروبول مونبلييه، في حوار مع الوفد الموريتاني المشارك في بينالي أورو-أفريقيا 2025 بمونبلييه. ©موريتانيا الثقافية |
موريتانيا الثقافية: كيف سيتم نقل المهارات إلى المهندسين الموريتانيين؟
كلير هارت: نقل المهارات هو عنصر أساسي في هذا المشروع. فلا يكفي توفير التكنولوجيا لإنتاج أقمار صناعية صغيرة، بل يجب تدريب المهندسين المحليين. وهنا تلعب متروبول مونبلييه دورًا محوريًا في تصنيع الأقمار و تدريب المهندسين الموريتانيين. فقد سبق أن نفذنا مشاريع مماثلة في السنغال وجيبوتي، حيث قمنا بتدريب المهندسين المحليين على إنتاج أقمارهم الصناعية الصغيرة. فهو عمل يستغرق وقتًا، حيث يشمل تدريبا مستمرا وتحضير برامج طلابية خاصة.
سنقوم أيضا في موريتانيا بتدريب المهندسين الذين لديهم خبرة في مجالات تكنولوجية أخرى، ما سيتيح لهم فرصة اكتساب مهارات جديدة في تصميم وإدارة أقمار صناعية صغيرة. بالإضافة إلى ذلك، سنستقبل الطلاب في مونبلييه حتى نمكنهم من الجمع بين الخبرات النظرية والتطبيقية والعودة إلى بلادهم لتنفيذ مشاريعهم الفضائية.
موريتانيا الثقافية: كيف يمكن لهذا التعاون أن يساعد في استقلالية موريتانيا فضائيا؟
كلير هارت: الاستقلال في مجال الفضاء مهم بالنسبة لموريتانيا التي تواجه تحديات جغرافية وبيئية كبيرة. فاستخدام الأقمار الصناعية الصغيرة وسيلة فعالة للتنبؤ بالكوارث المناخية وتحسين إدارة الموارد الطبيعية. فعلى سبيل المثال، سيسهل إدارة العواصف الرملية التي تتكرر في موريتانيا. سيساعد القمر الصناعي الصغير كذلك في متابعة الظروف المناخية، وتتبع حركة القوافل في الصحراء، ودراسة الواحات والمناطق التي يقل فيها معدل الأمطار.
إذن، هذا المشروع لا يقتصر على التكنولوجيا، بل يشكل أيضًا أداة رقابة شاملة لأجزاء البلد، والتحضير للمفاجآت، وتحسين إدارة الموارد الأساسية كالمياه والمراعي. ومن خلال تدريب المهندسين المحليين ومساعدتهم في تصنيع هذه التقنيات، سنساهم في تمكين استقلالية موريتانيا، ليس فضائيا فحسب، بل أيضًا في مراقبة أراضيها.
كلير هارت، نائبة رئيسة متروبول مونبلييه، في مقابلة مع الصحفيين محمد جوب وعاليه عباس خلال بينالي أور – أفريقيا 2025. ©ثقافات موريتانيا
|
موريتانيا الثقافية: هل توجد مشاريع تعاون أخرى بين مونبلييه وموريتانيا في مجال التكنولوجيا؟
كلير هارت: نحن في بداية مشوار تعاوني مهم مع موريتانيا. فهناك العديد من مشاريع أخرى قيد التحضير. إلى جانب الفضاء، نبحث في مشاريع أخرى ترتبط بالتكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مبادرات صحية. فمونبلييه لاعب رئيسي في مجال الصحة، وهناك فرص لتكييف الحلول الصحية مع احتياجات موريتانيا.
وهذا التعاون مبني على أساس صداقة حقيقية. نعمل على قدم المساواة لإيجاد حلول مشتركة. إنها إذن عملية تبادل حيث يستفيد الطرفان من تجارب بعضهما البعض. ولا تقتصر الشراكة على مجرد تلقين معرفة، بل هو تبادا مهارات وأفكار تتجاوز المجال التكنولوجي.
موريتانيا الثقافية: هل تعتقدين أن هذا النموذج يمكن أن يُلهم دولًا أفريقية أخرى؟
كلير هارت: بالطبع. كما اسلفت، لقد نفذنا مشاريع مماثلة مع السنغال وجيبوتي، لكن إفريقيا قارة واسعة ومتنوعة في ثقافاتها وتحدياتها. فلكل دولة احتياجاتها الخاصة، وكل شراكة تبرم في سياق معين. مع ذلك، فالنموذج الذي طورناه مع موريتانيا قابل للتطبيق في دول أفريقية أخرى.
فأساسي أن يكون كل مشروع مطابقًا للظروف المحلية. والأقمار الصناعية الصغيرة خير دليل على ذلك: فبينما هي مفيدة في موريتانيا، قد تكون كذلك في دول أفريقية أخرى، لكن وفق التحديات في كل منطقة. ف"نعم"٬ نأمل أن يُلهم هذا النموذج دولًا أخرى على مستوى القارة، سواء من ناحية الفضاء، أوفي مجالات أخرى مثل الصحة والزراعة والطاقة وإدارة الموارد الطبيعية.
المقابلة أجراها: محمد جوب وعاليه عباس
تابعوا أيضا موريتانيا الثقافية على اليوتوب (C'MRTV)
اشتركوا الآن لمتابعة آخر مستجدات موريتانيا الثقافية !