نواكشوط

مقابلات الأستاذ عثمان محمد واغي: “يجب على المجتمعات الصونينكية […] أن تشعر بالفخر بلغتها وانتمائها”

يُوضح عثمان واغي، أستاذ علم الاجتماع وباحث في جامعة نواكشوط، الأهمية التاريخية لليوم العالمي للغة الصونينكية، وهو احتفال يعزز الفخر الثقافي والحفاظ على هوية شعب ذو جذور عميقة في مواجهة التحديات المعاصرة.

Image
  • تاريخ النشر 16 فبراير 2025 | 13:53
    تحديث 3 نوفمبر 2025 11:53
  • مشاركة

    للمعرفـــــــــــة

    عثمان محمد واغي، أستاذ مختص في علم الاجتماع بجامعة نواكشوط ومنسق برنامج الماجستير في “الهجرة والحكامة العقارية والإقليمية”. يتمتع بخبرة...

    عثمان محمد واغي، أستاذ مختص في علم الاجتماع بجامعة نواكشوط ومنسق برنامج الماجستير في “الهجرة والحكامة العقارية والإقليمية”. يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من 24 عامًا في مجال التدريس، والبحث العلمي، وتنسيق مشاريع وطنية ودولية. وقد ألف أكثر من 40 منشورًا علميًا في مجالات تخصصه.

    اقرأ أكثر
    4055 قراءة

    موريتانيا الثقافية: ما الذي يرمز إليه اليوم العالمي للغة الصونينكية؟


    عثمان وَاغِي: إعلان اليوم العالمي للغة الصونينكية يمثل خطوة هامة واعترافًا تاريخيًا ذا أهمية كبيرة، مما يمنح فخرًا هائلًا لجميع أفراد المجتمع الصونينكي. فهو في الأساس اعتراف بثقافتهم، وتاريخهم، وقدرتهم على الحفاظ على قيمهم عبر العصور. هذا الحدث لا يُعد فقط مصدر فخر لكل صونينكي، بل يجب أن يكون أيضًا حافزًا لهم للاستمرار في التمسك بثقافتهم، وقيمهم، ومبادئهم الأساسية مثل الحفاظ على الشرف واحترام المعايير التقليدية. كما أنه يذكّر بأهمية القيم مثل الشجاعة، والتعاون، والتضامن التي تميز هذا المجتمع. ويجب على جميع المجتمعات الصونينكية، سواء في القارة الإفريقية أو في المهجر، أن تشعر بالفخر بلغتها، وتاريخها، وانتمائها لهذه المجتمع وثقافته.

     



    موريتانيا الثقافية: ما هو الأصل التاريخي والجغرافي للغة الصونينكية؟

     

    عثمان وَاغِي: تاريخ اللغة الصونينكية معروف جدًا. فهو يعود إلى ما قبل إمبراطورية غانا، ولكن تاريخ غانا هو الأكثر شهرة وانتشارًا اليوم. الإمبراطورية الصونينكية ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بتاريخ غانا، الذي يعتبر من أقدم الإمبراطوريات في غرب إفريقيا. يمكننا القول أن تاريخ غانا من القرن الثالث إلى القرن الثالث عشر الميلادي هو الأكثر شيوعًا. كان مركز الإمبراطورية في المنطقة الحدودية بين مالي وموريتانيا الحالية. غانا كانت أول إمبراطورية عظيمة في غرب إفريقيا، ويعود تاريخها إلى الفترة بين 568 و1138 ميلادي. كانت عاصمتها “كومبي صالح”. الإمبراطورية غطت مساحة واسعة امتدت من السنغال مرورًا بمعظم موريتانيا ومالي وصولًا إلى منطقة النيجر. كما كانت تشمل كلا من غامبيا، وغينيا بيساو، وجزءًا كبيرًا من غينيا كوناكري، وكذلك الجزء الأكبر من بوركينا فاسو الحالية.

     

    موريتانيا الثقافية: كم عدد المتحدثين باللغة الصونينكية في العالم؟

     

    عثمان وَاغِي: يُقدّر عدد المتحدثين باللغة الصونينكية بحوالي 5 ملايين شخص تقريبًا. ولكن في الحقيقة، قد يتجاوز هذا الرقم بكثير. ما يجب أن نأخذه في الاعتبار هو أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بهذا الخصوص، خاصة أن الدول التي يقيم فيها الصونينكيون لا تقدم إحصائيات عرقية دقيقة، ولذلك يجب أن نكون حذرين عند النظر إلى الأرقام المذكورة.

     

    موريتانيا الثقافية: هل يتحدث جميع الصونينكيين بنفس اللكنة والعبارات، أم أن هناك تباينات حسب المناطق؟

     

    عثمان وَاغِي: كما هو الحال مع معظم اللغات، يختلف نطق اللغة الصونينكية من منطقة إلى أخرى، وكل منطقة لها خصائصها الصوتية الخاصة. على سبيل المثال، يوجد “صونينكية خانياغا”، “صونينكية هايري”، “صونينكية كيديماغا”، “صونينكية كينغي-باغونو”، وغيرها. على الرغم من هذه الاختلافات، فإن جميع المتحدثين يمكنهم فهم بعضهم البعض بسهولة، حيث أن القواعد الإملائية والنحوية للغة واحدة، مما يسهل التواصل بين الصونينكيين مهما كانت المنطقة التي ينتمون إليها.

     



    موريتانيا الثقافية: ما هي خصوصيات اللغة الصونينكية، وما الذي يميز الصونينكيين كمجتمع؟

     

    عثمان وَاغِي: اللغة الصونينكية تتميز بقواعد نحوية تعتبر بسيطة وواضحة، وليست صعبة كما قد يعتقد البعض من غير الناطقين بها. وبالطبع، إذا تفاعل الشخص مع الناطقين بها وكان لديه إرادة لتعلمها، سيجد أن إتقان اللغة أسهل مما يظن. أما بالنسبة للصونينكيين كأفراد، فهم معروفون بقيمهم الثقافية التي تشكل جزءًا كبيرًا من هويتهم. من أبرز هذه القيم: الشجاعة، والحياء، والخوف من العار، والتضحية، والتحفظ، والتضامن. هذه القيم أصبحت نادرة في عالم سريع التغير.

     

    موريتانيا الثقافية: من هم الشخصيات الذين تعرفهم ويعملون على ترقية اللغة والثقافة الصونينكيتين في موريتانيا و العالم؟

     

    عثمان وَاغِي: بالإضافة إلى الباحثين القدامى مثل جاغانا عثمان موسى (الذي توفي في 2001) وجاغانا يعقوبا (الذي توفي في 1991)، هناك باحثون بارزون مثل البروفيسور عبد الله باتيلي، ومن الضروري أن نذكر أيضًا علماء متميزين مثل محمد تيميرا، وشيخنا محمدو وَاغِي الذي أعد رسالة دكتوراه رائعة حول الصونينكيين في فوتا في جامعة السوربون، ثم أتبعه بكتاب غنيٍ عن هذه الجماعة نفسها. كما أن شيخنا وَاغِي له العديد من المقالات العلمية التي تناولت الهجرات والتحولات الاجتماعية للقبائل الصونينكية. هناك أيضًا لاسانا كامارا الذي عمل على البعد الأثري لتاريخ الصونينكيين، ومامادو جارا الذي تناول مجتمع الصونينكيين في كينغي. ولا ننسى الدراسة الكبيرة التي أنجزها إريك بوليه وغراس وينتر حول مجتمع الصونينكيين في دياهونو. ويجب أيضًا أن نلاحظ الرواة والشعراء الذين يلعبون دورًا كبيرًا في الحفاظ على تاريخ وثقافة الصونينكيين.

     

    موريتانيا الثقافية: كان الصونكيون يُعتبرون مجتمعًا تقليديًا ومحافظًا، لكنهم اليوم يتجهون نحو التقدمية. ما الذي يفسر هذه التحولات؟

     

    عثمان وَاغِي: هذا التحول ليس خاصًا فقط بالمجتمع الصونينكي. بل هو سمة من سمات أي مجتمع يمر بتطور تاريخي في عالمنا المعاصر. كل مجتمع يواجه ديناميكيتين: الديناميكية الداخلية والديناميكية الخارجية. الأولى هي ناتجة عن تراكم العوامل الداخلية في المجتمع نفسه، بينما الديناميكية الثانية تأتي نتيجة تأثير العوامل الخارجية التي تمس جميع المجتمعات في مختلف أنحاء العالم. وبالطبع، لا يستثنى الصونينكيون عن هذه القاعدة العامة.

  • محرر . profile-pic
  • حول نفس الموضوع

    تعليقات